ما أكثرَ أعدادَ الحصى! لكن هل هناك من يَلتفت إليها، فضلاً عن أن يأخذها أو يبحث عنها؟! إن الثمين لا يأتي إلا بالصعب، والنجاح ثمرة الكفاح.
وما خالَف ذلك فأتى بالسهولة، فهو إما نادر قد عرَض، وإما مؤقَّت سوف يزول؛ لأن ما أتى سهلاً ذهَب سهلاً.
من أراد العلم، فلا بد أن يُتعِب نفسه في الحفظ والفَهم، وتغيير طبيعة حياته؛ فيأكل القليل، ويَنام القليل، ويتعَب كثيرًا، ومن أراد المال، فلا بد أن تَغبرَّ قدماه، ولا يقِف أمام المرآة طويلاً، ومن سعى في أثر مبدأ جميل وغاية سامية، فلا بد أن يتعرَّض لنصْل الألسنة الحادة، والأقلام المأجورة، وسخرية الرِّعاع.
محمد الفاتح كان ينام على خرائط الحرب وهو يُخطِّط لغزو القسطنطينية، وماذا كانت النتيجة؟ لقد سجَّل التاريخ اسمَه على أنه فاتح القسطنطينية، ومن خطَب الحسناء لم يُغلِه المهر. من أراد أن يكون شيئًا مذكورًا، عليه أن يأخذ مِعوَل العزيمة؛ ليَفلِق به كلَّ ظرف يمنعه من تحقيق هدفه. الصعود إلى القمر أمامه نقص الأكسجين، واختناق النفَس. الغوص في طلَب اللآلئ دونه أسماك القرش، وفوقه ضغط الماء. ولا شيءَ عظيمَ إلا ودونه العظائم، ولا عظائم أمام النفوس الكبيرة، والعزائمِ المصقولة، والشيءُ الثمين إنما يُنال بالسهر والتضحيات. لذلك أذكر لك وأخيرًا: استقرَّ المستشارون على جملة واحدة حازت على قَبُول الملك وإعجابه، لدرجة أنَّه قال: إذا كان حكمة جديرة بالتوريث للأجيال القادمة، فهي: (لا شيء يأتي بالمجَّان). |
0 التعليقات:
إرسال تعليق